محمد زكي عيديد |
اليمن بلد الحكومتين كما نراه اليوم ، هذا ما يجعلنا
نتذكر سيناريو 1994 والتي أنهت المحنة حرب ضروس كان ضحيتها من اليمنيين ، وصنعت
الوحدة فهل ما سينهي المحنة حرب ضروس ستصنع الانفصال أم ستكون بوابة لحرب أهلية
تمتد لخمسة عشر سنة إن لم نقل عشرون سنة "نسخة الصومال مثلاً":
حالت التعقيد السياسي اليوم التي
يتعرض لها اليمن هي مشابهة تماماً لحالة اليمن في تاريخ 1994م من ناحيتين وهما
كالتالي :
1) الأولى مشابهة إعلان الشراكة بين كافة تشكيلات
القوى السياسية و الفكرية و الدينية بإعلان الوحدة اليمنية عام 1990 و من بعدها
الخروج عن هذا الإعلان في عام 1994م .
فيقول البيض – رئيس اليمن الجنوبي سابقاً - أنه كشف مؤامرة
تحاك ضد الشعب الجنوبي و هي الاستحواذ على السلطة و إفراغ الجنوبين منها أو زرع
العملاء من الجنوبين لصالح علي عبدالله صالح ممثل الشمال بينما يقول هادي اليوم و
هو الرئيس اليمني الشرعي بأنه تم الانقلاب على دستور الشراكة من قبل أنصار الله
الحوثية بمساعدة علي عبدالله صالح و أن اليمن على فوهة حرب أهلية ، فما أشبه اليوم
بالبارحة .
2) مغادرة عبدربه منصور هادي -الرئيس الشرعي
لليمن - إلى مدينة عدن و هو من أصول جنوبية مثلها مثل الرئيس الجنوبي السابق علي
سالم البيض عند مغادرته صنعاء و تشكيله تكتل مضاد للحكومة المركزية في صنعاء و لكن
هنا يعتبر عبدربه هو الرئيس الشرعي بخلاف عام 1994م و التي لم يكن فيها سالم البيض
رئيساً شرعياً لكنه كان يملك مقومات دولة باقتصادها و جيشها بخلاف عبدربه اليوم .
***
تتشابه المرحلتان كل الشبه مع اختلافات في طبيعة الهيكلة في
كِلا التكتلين فعندما نقول 1994م فإن اليمن الجنوبي كان و مازال دولة بكافة
أركانها السيادية المسيطرة و مازالة الوحدة اليمنية في غرف مغلقة و لم تخرج إلى
العلن بشكل يجعل من الدولتين دولة واحدة و لكن في النهاية إنتصر الشمال و تمت
الوحدة بشكل غير متوقع ، وعندما نقول 2014 أو 2015 فإن اليمن دولة واحدة و بجيش
واحد و سيادة واحدة لكنها مقسمة النفود بشكل خرج من سيطرة الرسمية ليصل إلى مستوى
المليشيا اليوم فهل نستطيع القول أنه سيتم الانفصال و بكشل غير متوقع أيضاً مثلها
مثل الوحدة الغير المتوقعة أم هناك شيء مغاير تماماً كحصول حرب أهلية مماثلة
لماحدث في الصومال .
بداية بالحركات التي تدعوا إلى انفصال الجنوب واللجان
الشعبية الجنوبية والقيادات والضباط الذين يعملون في كنف عبدربه ونهاية بتنظيم
القاعدة و يقابلهم حركة أنصار الله الحوثية و علي عبدالله صالح و من يعمل في لوائه
من سياسيين و ضباط سواء كانوا من أقاربه أو لا و في تقديري هو المعسكر الأقوى إلى الآن.
في آخر خطاب للمخلوع علي عبدالله صالح لوحظت علامات الحنق
من كلمة مخلوع و أدعى أنه ليس كذلك و وصف عبدربه بأنه هو المخلوع من قبل أنصار
الله و أدعى بأنه سلمه دولة متكاملة الأركان .
لم تكن اليمن دولة متكاملة الأركان و أكثر من يعرف هذا هو
علي عبدالله صالح الذي كان جراحها و جلادها و هو من حمل لواء العمل من تحت الطاولة
، و أوصل الفتنة الطائفية إلى أعلى معدلاتها و أصبحت اليمن اليوم في حالة تتواضع
معها حرب 1994م ، فلم تكن هناك مليشيا تسيطر على الحكومة مثلاً و لم يكن هناك
احتقان طائفي بقدر وجوده اليوم ، فحملت الاغتيالات المشهودة في صنعاء من قبل
مقاتلي الحوثي و ما يقابلها من حملات الرد و الانتقام من قبل تنظيم القاعدة
بعمليات التفجير و استهداف المدنين المؤيدين لحركة الحوثي و قادته العسكرين و
السياسيين لكن هذه المره تحت مسمى الروافض و الدو اعش و الخوارج كمسميات تنديد
طائفي و لم نعرف إلي أين سنصل من بعدها .
***
مهدت لانتصار علي عبدالله صالح في حرب 94 الكثير من الأسباب
و منها الأساليب القمعية التي كان يمارسها الحزب الاشتراكي الشيوعي و التي كانت
ضريبة له مقابل كل أساليب القمعية المفرطة و كانت فكرة الوحدة أكثر إيناساً
لملايين الجنوبيين ، لعل الحال يتبدل إلى
أحسن الأحوال و اليوم نجد العكس فلم تعد هناك حكومة جنوبية قمعية بل هناك حكومية
يمنية قمعية - الدولة العميقة نقصد - و شعب كره فِعالها و هو يكافح ضدها و بتقديري
ستكون الضريبة التي سيدفعها علي عبدالله صالح مثل ما حصل لليمن الجنوبي سابقاً و
لكن هذه المرة هي بين خيارين إما الانفصال عن الحكومة الأم أو الحرب الأهلية بنسخة
الصومال بكل حذافيرها .
|
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق