يوم قُتل "جيرانيمو" تحليل عسكري


محمد زكي عيديد

يوم قُتل "جيرانيمو" تحليل عسكري :


   في يوم الإثنين و تحديداً عند آخر ساعات الصفر للعملية على مطار جلال أباد العسكري الأفغاني في عام 2011 عرف الجنود الأمريكيون الخاصين من فريق السيلز الأمريكي أن جيرانمو هو نفسه "أسامة بن لادن" و هو مجرد اسم عملياتي فقط أطلق على أكثر رجل مطلوب للعدالة الأمريكية في العالم .

   تفاجأت المخابرات الأمريكية الـ CIA بالمكان الذي يتواجد فيه جيرانيمو ، في باكستان أولاً و في مدينة أبوت أباد ثانياً ، وثالثاً في حي عسكري مشدد الحراسة في المدينة نفسها و يقطنه كبار الجنرالات و الظباط في الجيش الباكستاني ، أي أنها منطقة عسكرية بإمتياز تضم قواعد عسكرية كبيرة و كثيرة في المدينة ، فلو سألت أي مخابر أمريكي عن مكان إختباء جيرانيمو لأجاب فوراً في مكان ما على جبال طورا بورا ، في أفغانستان ، فلم يكونوا ليصدقوا ما حصلوا عليه من معلومات لولا الموقع المناسب للمدينة و تضاريسها التي تساعد على الهرب و الإختباء و بعض الدلائل و الفِعال التي صدرت من قاطني بيت جيرانيمو ، ومنها إمتلاك بيت فاهر و ذبح الأغنام يومياً و شراء السيارة تلو السيارة و مع هذا لا يملكون رقم هاتف في البيت ، ويقطنون البيت أحيانناً لـ 5 أشهر لا يخرجون منه ، و يسافر مساعديه إلى مسافة تقارب الـ 200 كيلومتر من أجل مكالمة هاتفية أو أرسال بريد إلكتروني .


تفاصيل العملية : 


   من قاعدة جلال أباد في أفغانستان يوم الإثنين عند الساعة 11 إن لم تكن 10 في ليلة غير قمرية تحركت أربع طائرات أمريكية  ، اثنتين من نوع بلاك هوك و هما الطائرتان اللتان تحملان جنود المداهمة و عددهم 24 جندي في كل طائرة 12 جندي من فريق السيلز الأمريكي الخاص ، وطائرتان من نوع شينوك تحمل 65 جندي أمريكي بحيث يستقرون على بعد 104 كيلومتر من مدينة أبوت أباد كقودة دعم للوقود إن تطلب أو قوة دعم نارية إن تطلب أيضاً ، و هذا بتوه يجعلهم على بعد كيلومترات من العاصمة الأفغانية كابول . 

  وصلت طائرتا البلاك هوك المحملة بالجنود إلى الحدود الباكستانية عند الساعة 11:22 دقيقة و تم وصولهما إلى مكان العملية عند الساعة 12:25 دقيقة ، وكانتا الطائرتان من نوع بلاك هوك تم تعديلهما لتكونا شبحيتان ، و قيل إنهما الوحيداتان في ذلك الوقت ، من أجل تفادي أن تكتشفها الرادارات الباكستانية المطورة كما وصفوها .

ساعة الصفر :


   سارت العملية على أكمل وجه مندو دخولهم الأجواء الباكستانية و إستقرار طائرات الشينوك "قوات الدعم" على بعد 104 كيلو من الهدف ، و حتى و صول طائرات البلاك هوك "القوة الضاربة" إلى بيت جيرانيمو كانت خطة المداهمة كالتالي : 


محاكاة لمبنى جيرانمو
يتم نزول 12 جندي من على سطح البيت و الـ 12 الآخرين ينزلون في الأسفل لتتم مداهمة البيت من جهتين "عنصر المفاجأت" من أجل زرع الإرتباك عند المستهدفين ، لكن الطائرة الأولى طائرة السطح أختلى توازنها و سقطت مع الجنود على الأرض ، بسبب عمود الهواء كما قال الأمريكيون ، بحيث أنها مشكلة دائماً ما تظهر للطائرات العمودية عندما تنزل في أواسط بيوت مقتظة ، و لكن الغريب أن الطائرة سقطة و أرتطمت بالأرض أرتطام عنيف و لم يمت أحد الماقاتلين الذي كانوا على متنها و باشروا مداهمة البيت ، و بعدها من الطبيعي أن تحول الطائرة الثانية مسارها بحيث تنزل على السطح لا الأرض ، على أساس على أن فرقة النزول من على السطح سقطوا على الأرض و بدوا المداهمة أرضاً ، ولكن جاءها أمر من الإدارة الأمريكية بإنزال الجنود أرضاً خوفاً من تكرار نفس السيناريو للطائرة الأولى ، عندها سينعدم وجود الطائرات التي ستقل الجنود و هذا ما سيستلزم مجئ طائرة من طائرات الشينوق من أجل أخد الجنود بعد إنتهاء العملية . 


 استمرت العملية 40 دقيقة كأقل تقدير قتل فيها جيرانيمو كما يقول الأمريكيون ، إما في الطابق الثاني أو الثالث على أساس أن المبنى يتكون من ثلاثة طوابق .

كانت هناك طائره بدون طيار تراقب العملية تحلق على إرتفاع 300 متر و الغريب أنه لم يتم إكتشافها  ، وكان الرئيس أوباما يتابع العملية بشكل مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية .
***

نقاط ضعف الرواية الأمريكية من نظري الخاص : 

   أولاً أنا أصدق رواية أن البيت لجيرانمو و أيضاً اصدق أنه في نفس المدينة التي قصدوها و في نفس الحي لكني لا أصدق أبداً أن لا يد لباكستان في العملية لأسباب عدة سأبين فيها أيضاً بعض التناقضات في الرواية الأمريكية تدل على ضلوع باكستان عسكرياً في العملية و هي كالتالي : 

1 ) عندما تحدثو على أنهم حسنوا طائرات البلاك هوك الخاصة لتكون دو بصمة شبحية تجعل الردارات الباكستانية عاجزة عن إكتشافها لنفترض أننا صدقناهم فهل يعقل أن تهبط تلك الطائرات الى تلك المنطقة العسكرية فإكتشافها لا يحتاج ردارات و إنما سيتم إكتشافها بصريا إما بالمناظير أو غيرها أساليب و لو كانت حتى لا تصدر محركاتها ضجيج .

2 ) الكل أكد أن عملية الإشتباك أستمرت لمدة 40 دقيقة ، فكيف تستمر العملية لهذا الوقت في حي عسكري فهذا بدوره و منطقياً يجعل قوات ستهرع لمكان الإشتباك من لحظاته الأولى ، و لكن لم تهرع أي قوات و مع العلم سقطت طائرة بلاك هوك و أيضاً ، لم تحرك القوات الباكستانية ساكن ، مع أن الجنود الأمريكان و ضعوا المتفجرات في أجهزة تحكم الطائرة من أجل أن يخفوا الأسرار العسكرية للطائرة و قوة الإنفجار دمرت الطائرة ككل مع الإبقاء فقط على ديل الطائرة و هذا يعني أن الإنفجار كان قوياً و لم تهرع أي قوات باكستانية و حتى أنها لم تُلاحق الطائرات من طراز البلاك هوك بطائرات الإف 16 الباكستانية الأسرع منها و الأقوى منها بكثير ، و كان يمكنها فعل و تدميرها بدون عنا أو إجبارها على التوقف ذلك و مع العلم كان خروج القوات الأمريكية خارج حدود باكستان يتطلب ثلاثة أرباع الساعة حتى تصل  طائراتها إلى خارج الحدود الباكستانية .

3 ) عندما تحركت طائرات البلاك هوك إلى موقع الإشتباك كانت هناك طائرتان من نوع شينوك على بعد 104 كيلومتر من مدينة أبوت أباد ، تعتبر كقوة دعم للعملية ، فكييف لم يتم إكتشاف هذه الطائرتان من نوع الشينوك الغير محمية من الإكتشاف رادارياً أي أنها لا تحمل بصمة شبحية و الأكثر من هذا تعقيداً أنها كانت على بُعد كيلومترات من العاصمة أي قريب جداً من العاصمة الباكستانية كابول ، فلم يعلم بمكانها أحد .

4 ) دائماً هناك عمليات إرهابية في باكستان ما يجعل الشرطة و الجيش الباكستاني في حالة التأهب دائماً ، فلماذا لم نرى هذا التأهب في موقع عسكري يحوي قواعد عسكرية في مكان تنفيد العملية في أبوت أباد .

5 ) تم تصوير العملية في باكستان عن طريق طائره بدون طيار تحلق على إرتفاع 400 متر و كان يشاهِدها الرئيس الامريكي باراك أوباما العملية بشكل مباشرة في أمريكا من خلال ما تنقله له الطائرة و يعتبر إرتفاع الـ 400 متر إرتفاع منخفض جداً إذا كانت الطائرة فعلاً تتوخى الإكتشاف من قبل العدو  و لكن غريب تحليق الطائرة على هذا الإرتفاع من موقع الهدف و خصوصاً إذا كانت من طراز الدرونز و هي نفس الطائرة التي تم عرضها في الفلم الوثائقي عل قناة العربية .

6 ) لم تكن هناك ردة فعل مستغربة من قبل الحكومة الباكستانية و كان إنتقادها إنتقاداً دو ميوعة واضحة ، بحيث أنها أعتربت العملية الأمريكية على أراضيها إنتهاك لسيادة البلاد و مازالت القواعد الأمريكية موجودة في باكستان و ما زال الدبلوماسين الأمريكين يباشرون عمليهم في مكاتبهم و سفاراتهم في البلاد ، فلم يغادر سفير الولايات المتحدة الأمريكية البلاد .

7 ) قيل إن بيت جيرانمو كان لا يحوي إلا 3 رجال فقط يملكون السلاح فكيف أستمر الإشتاك لـ 40 دقيقة ؟! .

***

   لا نعرف إن كنا على صواب أو خطاء و لكن نحن نؤمن بأن هناك غموض يلف العملية لا يريد الأمريكيون لأي أحد معرفته ، و في تقديري هذا الغموض سيجعلنا نكشف أسرار ربما لا يريح الولايات المتحدة الأمريكية أن نكون على علم بها ، و لكن هل حقاً سنأتي على فاجعة بعد مرور 50 سنة من وقت تنفيد العملية عندما سيتم كشف المعلومات المأرشفة للصحافة ؟

 
 
 
هل أعجبك الموضوع ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رسائل أحدث رسائل أقدم الصفحة الرئيسية

جميع الحقوق محفوظة ل محمد زكي ©2014 نقل بدون تصريح ممنوع.